• ×

03:05 مساءً , الخميس 28 مارس 2024

يوسف بن عبدالعزيز المهنا
بواسطة  يوسف بن عبدالعزيز المهنا

حب الديار

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
عندما يتحدث المرء عن بلده أو قريته موطن آبائه وأجداده ويتغنى به فليس بالضرورة أن يكون متعصباً أو يصنف على أنه متحيّزا إلى بلدته فقط ، يكره الآخرين ويعاديهم ولا يحب لهم الخير .
فحب الوطن غريزة وأمر فطري قال تعالى (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ) فقتل النفس , والخروج من الديار مثلان للتكاليف الشاقة التي لا يستطيعها الكثير . قال بعض الصحابة رضي الله عنهم في هذه الآية : (والله لو أمرنا لفعلنا والحمد لله الذي عافانا )
وفي الأثر ويروى عن عمر - رضي الله عنه - ( لولا حب الوطن لخربت بلد السوء )
وقيل: ( ميلك إلى بلدك من شرف محتِدك ) المحِتد : الأصل حكاه الأزهري في التهذيب .
وعن عمرو بن العلاء ( مما يدل على كرم الرجل وطيب غريزته حنينه إلى أوطانه )

ذَكَرْتُ بلادِي فاسْتَهَلَّتْ مَدامِعِي ... لشَوْقِي إلى عَهْدِ الصِّبا المُتَقادِمِ
حَنَنْتُ إلى أرْضٍ بِها اخْضَرَّ شارِبي ... وقُطِّعَ عنِّي قَبْلُ عَقْدُ التَّمائِمِ

إذاً لا غرابة أن يحب الإنسان بلده أو يحنّ إليه ويأنس بالسكنى فيه أو زيارته ، والتردد عليه وقضاء جميل الأوقات بين مرابعه وجنباته . متذكراً قول الشاعر :

بلادٌ بها نيطتْ عليّ تمائمي * وأولُ أرضٍ مسّ جلدي ترابُها

ولكن يجب أن نعلم أن الانتماء الصادق للبلد لا يتحقق إلا بالتفاعل الإيجابي والولاء المنضبط ، يتأكد ذلك بما يقدمه المرء من خدمة ولو يسيرة له . فالبلد لا يستفيد شيئاً من أبنائه البكائين على الأطلال الذين يتشدقون بحبه ، وهم سلبيون إلى أبعد الحدود . حتى ولو سكنوه من المهد إلى اللحد .
أما المُخذِّلون (أعداء النجاح) والمنشغلون بتصنيف الناس والمتقاعسون عن الإنجازات والطموحات البناءة
التي تخدم الوطن وتفرح المواطن , فليسوا معنيين بهذا الحديث .
إن الولاء للبلد ،وصدق الانتماء إليه يحصل ولو بالقليل الذي لا يعذر المرء بتركه ولو بالقدوة الحسنة والتفاعل الإيجابي ويتحقق بكريم الخصال وجميل الأفعال من الصدق والتواضع واحترام الناس والكرم ولين الجانب وطلاقة الوجه . وحب الآخرين ونفعهم .
قال أبو الحسن العامري: وكما أن شر الناس من أبغض الناس، كذلك خير الناس من نفع الناس، ولا نفع مع السباب والتباغي، وأرفع الناس نية أقدرهم على استصلاح البرية، ومن عجز عن تقويم نفسه الخاصة فهو عن تقويم غيره أعجز . أهـ
الوطن عامة والبلد على وجه الخصوص يتطلع وبلهفة إلى أبنائه المخلصين وشبابه الفاعلين الذين تنعكس إيجابيتهم وتفاعلهم وكريم أخلاقهم على سمعة بلدهم ومكانتها .
البلد بحاجة إلى أهله الأوفياء في جميع المجالات العلمية والتجارية والاجتماعية ... بحاجة إلى الطبيب المخلص, والأستاذ الجامعي الناجح , والطالب المتفوق , بحاجة إلى رجل الأعمال المستثمر, والغنيّ المنفق .
وباختصار البلد بحاجة إلى الناجحين المتألقين والباذلين نفوسهم ومهجهم للآخرين فحياهم الله وبارك في مساعيهم .

* مقال خاص بصحيفة شقراء الالكترونية


 6  0  2.1K


الترتيب بـ

الأحدث

الأقدم

الملائم

  • فهد

    صدقت والله بورك قلمك وفكرك النير نتمني مشاهدة أحرفك هنا باستمرار
    فعلا نحن بحاجة كل قلب معطاء وروح باذلة حتي لو لم يكونوا من الوجهاء فللعطاء لذة ونشوة شكرا أخونا يوسف

    08-01-2012 06:14 مساءً

  • المشرف العام

    بارك الله فيك
    حقاً فحب الوطن غريزة
    والرجل الذي يحب وطنه يجب أن يكون عضواً بارزا فيه
    ومساهما فيه, وساعيا لجلب الخير له
    والوطن يحتاج لنكون يداً واحدة ليكتمل الانتماء الحقيقي

    08-01-2012 07:36 مساءً

  • ابوعبدالاله

    ابا عبدالعزيز صدقت والله فيما قلت :
    أما المُخذِّلون (أعداء النجاح) والمنشغلون بتصنيف الناس والمتقاعسون عن الإنجازات والطموحات البناءة
    التي تخدم الوطن وتفرح المواطن , فليسوا معنيين بهذا الحديث .

    09-01-2012 02:00 صباحًا

  • ابوسامي

    بارك الله في قلمك النير وفكرك العاطر انت من خيرة شباب المحافظة الذين لهم اسهامات وجهود مباركة استمر وفقك الله في كتابة المقالات النيرة

    12-01-2012 03:50 صباحًا

  • الشقراوي

    صح لسانك يبو عبد العزيز ،
    وبهذه المناسبة نبي منك فزعة تكلم الشيخ الجميح يفتح عندنا فرع لوكالته للسيارات اسوة بمحافظة الرس .
    وسمعنا ايضا انه سيفتح في المجمعة ولك جزيل الشكر والتقدير .

    19-01-2012 10:26 مساءً

  • ريم

    تسلم على مقالتك الرائعة استاذ يوسف

    21-01-2012 12:48 صباحًا

جديد المقالات

بواسطة : سعد بن فهد السنيدي

. (الوجهاء والأعيان) مصطلح شائع تتداوله الألسن...


بواسطة : عبدالله عبدالرحمن الغيهب

. اليوم ١٨ ديسمبر يوافق اليوم العالمي للغة...