• ×

03:15 مساءً , الجمعة 26 أبريل 2024

ماجد بن مقعد الحافي
بواسطة  ماجد بن مقعد الحافي

واقع طرق التدريس في التعليم العام

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الأمم التي تسعى إلى التقدم والازدهار والريادة في شتى المجالات، ومن أهمها التعليم بجميع جوانبه، فالتعليم هو النور الذي يقود نحو الرقي والرفعة، وليس ذلك على مستوى الفرد فقط بل على مستوى الدول أيضاً، فالدول التي ينصب جل اهتمامها على التعليم وتطوير نظامها التعليمي وتحديثه باستمرار تتفوق في كافة الأصعدة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية.
ولهذا تقوم رؤية المملكة (2030) على توفير فرصة التعليم للجميع في بيئة تعليمية مناسبة في ضوء السياسة التعليمية للمملكة، ورفع جودة مخرجاته، وزيادة فاعلية البحث العلمي، وتشجيع الإبداع والابتكار، وتنمية الشراكة المجتمعية، والارتقاء بمهارات وقدرات منسوبي التعليم.
وخلال العقدين الماضيين حدثت تطورات عالمية هائلة في مجالات الاقتصاد والاجتماع والعلم والتقنية والثقافة، ولم تعد أمة من الأمم مستقلة بذاتها فجميع الدول تتأثر بالقوى والتطورات العالمية، ولمواكبة هذه التطورات عملت المملكة العربية السعودية على مشروع شامل لتطوير المناهج يهدف إلى تطوير جميع عناصر المنهج وفق أحدث النظريات والأساليب التربوية والعلميــة المعاصـــرة تلبي حاجات الطلاب، ومتطلبـات خطط التنمية الوطنيـة، واحتياجــات ســوق العمل المســتقبلية، وتستوعب المتغيرات المحلية و العالمية، وتحقق تفاعــلاً واعيـاً مـع التطـورات التقنيــة والاتجاهات التربوية الحديثة، وترسخ القيم والمبادئ الإسلامية الســامية، وروح الولاء للوطن وتؤكد على الوسطية و الاعتدال، وتكسب الطلاب المعارف والمهارات والاتجاهات النافعة اللازمة للحياة والتعلم والتعايش الاجتماعي، وتقود إلى التفكير والتأمل والتدبر والتعلم المستمر واستخدام التقنيات ومصادر التعلم المختلفة.
وواكب هذا التغير أيضاً تغير في طرق التدريس والانتقال من الطرق السلوكية إلى الطرق البنائية الحديثة، والتي تعتبر إحدى عناصر المنظومة التي يتكون منها المنهج والتي تتكامل مع العناصر الأخرى (الأهداف التعليمية، المحتوى، التقويم ) وترتبط بها ارتباطاً وثيقاً، فهي تعتبر ركناً أساسياً في العملية التعليمية والتربوية، وتنبع أهميتها كونها الأداة التي تساعد التلميذ على أن يفهم المادة المتعلمة ويستوعبها، لذا فإن نجاح العملية التعليمية منوط باختيار الطريقة التدريسية الملائمة من حيث مستوى التلاميذ، والمادة التعليمية، والبيئة المتوفّرة، وكذلك باختيار الوسائل المعينة التي من شأنها تحفيز التلاميذ، وإثارة اهتمامهم لبلوغ الأهداف المتوخّاة. لابدّ أن يكون وراء كل طريقة تدريسية ناجحة معلم مرن، ومبادر، ومطّلع على كل ما هو جديد في عالم التربية.
ويرى الباحث أن تطوير المناهج أحدث تطوراً في الطرق والإستراتيجيات التدريسية، وهذه الطرق التدريسية أخذت خصائص النمو في المراحل الدراسية الثلاث بعين الاعتبار، فكل مرحلة عمرية يناسبها طرق تدريسية متنوعة وتختلف عن المرحلة التي بعدها. وإذا نظرنا إلى مرحلة أطفال المستقبل نجد أنها مرحلة مهمة جداً ففيها تبنى فيها شخصية الطفل وتنمو، ويكتسب الطباع والعادات والاتجاهات والسلوكيات، وتستطيع المعلمة في هذه المرحلة من تعديل سلوك الطفل بيسر وسهولة، وأن تنمي ذكاءه وشخصيته، فقد تغيرت مصادر التعلم التي كانت في السنوات الماضية، وأصبح الطالب يأتي للمدرسة وهو يعرف الكثير والكثير. ونجد طرق التدريس المستخدمة في مرحلة أطفال المستقبل تعتمد اللعب، وكذلك التعلم بالاكتشاف، وتمثيل الأدوار، والقصة.
ويذكر (المفدى،2007) أن المرحلة الابتدائية تمتاز بالنمو الجسمي والحركي والعقلي والاجتماعي واللغوي والانفعالي والاجتماعي، وهي تمتاز بكثرة الحركة، وتزداد مهارة الطفل في التعامل مع الأشياء والمواد، والاعتماد على الحواس، فيفضل استخدام الوسائل السمعية والبصرية في التدريس، والتعلم باللعب والمرح، وتعلم القراءة بالطريقة الكلية؛ لأنها الأنسب في هذه المرحلة.
وفي المرحلة المتوسطة نجد الطفرة في النمو لا تزال متزايدة، وتمتاز هذه المرحلة بفترة من النضج في القدرات والمهارات والنمو العقلي والنفسي، والانفعالات في هذه المرحلة تكون عنيفة ومتهورة لا تتناسب مع مثيراتها. وطلاب هذه المرحلة يستخدمون وسائل عديدة لإثبات الذات والتمرد على السلطة، وتنمو لديهم مهارات اللغة العربية ( القراءة، التحدث، الاستماع، الكتابة)، وتزداد قدرتهم على الاستماع، والتحدث بطلاقة، وحجم المفردات التي يستخدمونها ينمو بسرعه. فيفضل استخدام طرق تدريسية مناسبة كالتعلم الذاتي، والتعاوني، والاستكشاف، والتعلم النشط، والخرائط الذهنية.
وأما المرحلة الثانوية يميل فيها الطالب إلى التطبيع الاجتماعي، والاهتمام بمظهره الشخصي، وينمو الذكاء بسرعة، وتبدأ القدرات العامة تتمايز، ويزداد الاعتماد على الفهم والاستدلال عوضاً عن المحاولة والخطأ أو الحفظ المجرد، وينمو التفكير والقدرة على حل المشكلات. فيفضل استخدام الطرق التدريسية التي تتلاءم مع هذه المرحلة كالتعلم الذاتي، وطريقة حل المشكلات، والاستقصاء، والتدريس المتمايز، والتعلم النشط، والعصف الذهني.
وعلى المنهج اختيار وتنظيم محتوى المنهج للتلاميذ في كل مرحلة من مراحل النمو وفقاً لخصائص النمو العقلي والمعرفي لهذه المرحلة. ومراعاة النمو العقلي للتلميذ وخصائصه النفسية عند عرض أي مادة جديدة. وتبين (إبراهيم،2014) أنه يجب أن تكون طريقة المعلم قائمة على الحقائق النفسية، والأسس التربوية بحيث تكون موافقة لطباع الطلاب، وملائمة لميولهم في أطوار نموهم، مؤدية إلى شحذ أذهانهم، وتنمية مواهبهم، وتهذيب أخلاقهم، وإظهار شخصيتهم، وأن يكون اعتماده فيها على التجربة والعقل لا على التلقين والنقل، وليعلم أنه لا يوجد أفضل في طريقة التدريس من عناصر التشويق والجدة والطرافة، واستخدام الوسائل وتنويعها.
ومن خلال النظر في واقع طرق تدريس اللغة العربية فإن بعض الدراسات الحديثة بينت وجود قصور في طرق وإستراتيجيات تدريس مناهج اللغة العربية، وعدم مواكبتها لتطوير المنهج القائم على النظرية البنائية، والذي يتطلب أساليب تدريسية حديثة. حيث وضحت دراسة (عطيف،2012) أن من المشكلات التدريسية في مقرر "لغتي الخالدة" أن الأساليب التدريسية المستخدمة لا تعتمد على التهيئة للدرس بطرق مختلفة (القصة، المشكلات الواقعية، الأحداث الجارية، عروض عملية)؛ مما يضعف من دافعية التلاميذ وتحفيزهم نحو التعلم. وتوصلت دراسة (القحطاني، 2014) إلى أن أكثر الإستراتيجيات التي يستخدمها أفراد عينة البحث في تدريس مقرر "لغتي الجميلة" هي: (إستراتيجية الحوار والمناقشة)، وأقل الإستراتيجيات استخداماً هي (إستراتيجية التدريس التبادلي). وأظهرت دراسة (الحافي،2014) أن معظم معلمي ومعلمات اللغة العربية ينتمون إلى الاتجاه التقليدي في تصوراتهم النظرية وممارساتهم التطبيقية حول تدريس اللغة ومهاراتها؛ حيث يشكل التقليديون ما نسبته (70،9%)، والانتقائيون(26،9%)، أما البنائيون فهم (4) معلمين ومعلمات؛ أي ما نسبته (2،2%) من إجمالي العينة.
لذا فإن من المأمول في طرق تدريس اللغة العربية إحداث نقلة نوعية في تعليم وتعلم الطلاب من خلال تناول إستراتيجيات التدريس الحديثة والتركيز عليها، وعلينا نحن معشر التربويين دراسة هذه المشكلات، والوصول إلى عدد من الحلول التي تنهض بطرق التدريس، و قد يكون منها ما يلي(فضل الله، 2014):
-الاستفادة من نتائج البحوث والدراسات التي تطبق طرق التدريس الحديثة، وإضافة إستراتيجيات التدريس الحديثة إلى وثيقة منهج اللغة العربية.
- نشر ثقافة البحث في طرق التدريس.
- التدريب المستمر على رأس الخدمة.
- مواكبة الجديد في طرق التدريس.

 2  0  3.2K


الترتيب بـ

الأحدث

الأقدم

الملائم

  • عبد الله بن عبود الرويس

    مقالة تُبيّن أمورًا مهمّة، ومنها ما يُناسب مِن طرق للمراحل التعليميّة، ودراسة ( الحافي ) - وأحسبها للكاتب - التي أنبأت عن حال معلّمي العربيّة في استعمال طُرق التّدريس في تعليمها.

    فشكرًا للكاتب الكريم.

    04-12-2016 05:10 مساءً

    الرد على زائر

جديد المقالات

بواسطة : عبدالعزيز عبدالله البريثن

. آه .. ويح من فقد أمه، ولم يقبلها في ضحاه، أو...


بواسطة : سعد بن فهد السنيدي

. (الوجهاء والأعيان) مصطلح شائع تتداوله الألسن...