ما أطيب  انفتاح  القلوب لبعضها وما أجمل  سماع التهاني  بالعيد و في اللقاءات بين الناس في المناسبات التي تجمعهم ، ففيها تعبير عن المحبة  والألفة والمودة والإخاء ، تروي الظمأ لها وتطفيء العطش والتعطش إليها ، إنها من  أجمل ما في حياة الناس بل هي سر تعلقهم ببعض   وانجذابهم  وحرصهم على أن يجتمعوا في بلدة واحدة ومكان واحد ، فإذا قلنا أن الإنسان اجتماعي بطبعه فهذا يعني أنه يأنس بالآخرين من جنسه ، وهذا الأنس لا يعني التقارب في البقع والمزارع أو الاستراحات و المساكن بما فيها من عوازل حرارية وصوتية ومائية واجتماعية ، فالبيوت والحالة تلك سجون انفرادية لا تحقق الغرض الاجتماعي من بنائها متجاورة ومتلاصقة مع بيوت الآخرين حتى و لو امتلأت بالساكنين و صمت الأصوات آذان الجيران ، فإنما هي فقاعات الغرقى في دنيا النسيان  والانعزال .
بلداننا عندما نقبل عليها نراها من بعيد أيام العيد والمناسبات وحتى في  الليال الأخرى نراها تتلألأ ويشع نورها  في كل الأفق حولها ساطعة حتى أخفت  القمر والنجوم ، وهذا النور لا يعنينا كثيرا بقدر ما يعنينا من سكن الديار من أصدقائنا ومعارفنا وجيراننا وأحبابنا ومن تحن إليه قلوبنا ونهفو  وتأنس به نفوسنا .
 
أمر على الديار ديار أهلي ****** أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
 وما حب الديار شغفن قلبي  *****   ولكن حب من سكن الديارا 
هذه الجمادات حولنا وإن أضاءت بالأنوارالتي استعرناها وكررناها سنين وراء سنين ، أو الجدران التي  تزينت بالزينات هي هامشية عند متطلباتنا الحقيقية ورغباتنا في أن  نجد وجوها مشرقة ولقاءات مفرحة وقلوبا مهيأة للمودة والتقارب ، تعي معنى السعادة و تجعل أيام العيد سعيدة بالفعل .
كثير من المظاهر التي نتسابق عليها ونلون بها ما حولنا ، ونلبس من أجلها أو ننثرها حول مدننا بتكاليف كبيرة باهظة ما هي إلا تعبير عن رغبة أو فقدان  متطلباتنا التي نبحث عنها  ، تلك المطالب التي هي في الحقيقة لا تحتاج إلى كل هذا إنها  سهلة وميسورة وقريبة في متناولنا كلنا.
فتحقيق الفرحة لا يحتاج إلى كثير من الجهد والمال والتعب والمظاهر ، إنما يحتاج  فقط  إلى استشعار قرب الآخرين منا و قلوب صافية سليمة  وبساطة في تعبيرنا عن محبة الآخرين وقبولهم .
عن معاذ رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله  عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل : المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء " رواه الترمذي. 
وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال؛ يارسول الله اني أحب فلا ، قال هل أخبرته ، قال:  لا ؛ قال فاذهب وأخبره أنك تحبه.
أو كما قال الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
الناس كل الناس لا يحتاجون  فيما بينهم ما فيه مشقة وتعب ولا خسارة من أي نوع  ، ولا  الكثير من العناء بقدر ما يحتاجون أن تكون صفحات حياتهم وأيامهم  فيما بينهم  بيضاء ناصعة لا يشوبها خلاف ، إن  هو إلا تراحم وإتلاف  ونواياهم  نقية وألفاظهم ندية وتعاملاتهم رحيمة رفيقة ، هذا هو ما يجعلهم سعداء وببعضهم ولبعضهم في اشتياق ، سعادتهم حقيقية غير مصنوعة من خارجهم ولا مصطنعه  متكلفة ولا مزيفة ولا مظاهر تخفي وراءها خواء العلاقات و ضعف التماسك وغياب المسرات  .
سعادتنا الحقيقية أن نقول لبعضنا من كل قلب :
عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير
من قلب يملأه الحب لكم جميعاً ويكن لكم كل مودة
 
 
 



 
  
  
  
  
  
  
  
 
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم