• ×

09:59 مساءً , الخميس 28 مارس 2024

admincp
بواسطة  admincp

حجر الشطرنج

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
قديماً... إذا كُتب مقال جميل ناقد لمستوى أداء أحد الأجهزة الحكومية الخدماتية وتعاملها مع المواطنين، يجد له صدى كبيراً لدى المواطنين، ويتهافت الجميع على شراء الجريدة لقراءة الموضوع أو المقال، وقد يحتفظ البعض بتلك المطبوعة. ولكن لم يحدث أي تغيير، ومع الوقت فقدت أهميتها لدى القارئ.

وكانت إحدى الأمنيات للقراء في ذلك الوقت هي إبداء تعقيباتهم أو تعليقاتهم على ما كُتب بمدح أو مشورة أو استشارة أو توجيه. الجيد منهم كان يراسل الوسيلة الإعلامية برسالة بريد عادية، وقد تجد لها مكاناً أو ينساها الزمان، والسواد الأعظم تنتهي مشاعره بعد القراءة. ولكن لم يحدث أي تغيير، ومع الوقت فقدت أهميتها لدى القارئ.

وفُتح فضاء الإنترنت للجميع تدريجياً بدءاً من موقع الساحات العربية، والذي كان الأول حينها في عام 1999 ، وكانت تلك النافذة أولى نوافذ الحريات، والتي بدأ البعض بها تحت اسم مستعار . وأصبحت نوعا ما متنفساً لما تكتنزه النفوس، والجميع يحرص على متابعتها، ومعرفة كل ما يدور فيها. لقناعةٍ بأنها تقول الحقيقة التي لا تستطيع الصُحف أن تقولها. ولكن لم يحدث أي تغيير، ومع الوقت فقدت أهميتها لدى القارئ.

وتبعها بعد ذلك تدرجات كثيرة في نوعية الحريات الممنوحة بدءاً من المنتديات إلى برامج الدردشات الكتابية والصوتية، وصولاً إلى الصُحف الإلكترونية، وتفاوتت مساحات الحريات وكان الحجب عائقاً لها وازدهرت تقنيات كسر البروكسي للوصول إلى متنفس صادق حقيقي. ومع الوقت فقدت أهميتها لدى القارئ.

ومشت على تلك الخطى بعض القنوات الفضائية، في البرامج الحوارية المباشرة. وفُتحت ملفات كانت حمراء قبل الإنترنت وأصبحت خضراء في عصر الفضائيات. ودارت برامج حوارية نارية كثيرة، واستحسن الجميع تلك النافذة الكبيرة التي وضعت حداً لمقص الرقيب وقلمه الأحمر. ولكن لم يحدث أي تغيير ، ومع الوقت فقدت أهميتها لدى القارئ.

واستمر الحال إلى أن وصلنا إلى برامج وطنية حوارية ساخنة بدءاً من قنواتنا الوطنية إلى القنوات السعودية الأخرى خارج الوطن. وكانت نقلة نوعية أثارت نوعاً ما من الضجة المفتعلة وغير المفتعلة. ولكنها استمرت وتطورت. ولايزال الجميع يتابعها. وبدأت تفقد بريقها، وأصبح حال المجتمع وكأنه قدر ضغط (كاتم)، وتلك البرامج هي صفارة تنفيس الضغط له، ولكن مع الوقت اصبحت الصفارة لا تنفع ولا تجدي فحرارة الضغط أكبر من تلك الصفارة. ولكن لم يحدث أي تغيير، ومع الوقت فقدت أهميتها لدى القارئ.


وخرج علينا تويتر (المُغَرد) وكثر المغردون، وأصبح (تويتر) هو المساحة الكاملة للحرية في التواصل بين الجميع وإبداء الرأي في كل شيء. وأصبحت تلك البرامج التلفزيونية الحوارية تستخدمه، لنشر ما تبثه عبر الفضاء، وكذلك هي المنتديات والصحف الإلكترونية. وهنا أصبح (تويتر) هو سيد الحرية الجديد للجميع. وبدأت جميع الرموز بأنواعها بالتواجد فيه. وبات من السهل الوصول لهم عبر تغريدة ورابط. وتحمس الجميع لدخوله وأرى بوادر بسيطة لهجرانه من البعض، لأنه اصبح صفارة جديدة ومع الوقت فقدت أهميتها لدى القارئ.

ويبقى السؤال؟... ماذا يريد المواطن من الإعلام؟

القارئ ليس سوى مواطن بسيط يريد أن يرى الصلاح والإصلاح، يريد العيش أحسن من الجيش، يكره الفساد والمحسوبية، يريد إلغاء الواسطة البغيضة التي هدمت المنافسة الشريفة. يريد أن يعيش بكرامة في زحمة المليارات، يريد أن يسكن في صحارٍ شاسعة ولكنها أُغلقت عليه، يريد أن يجد مستشفى يتعالج فيه وهو مطمئن لكادره وأدويته وأجهزته، يريد أن يحظى بفرص متساوية للعمل.

القارئ فقد ثقته في التغيير للأحسن ويئس من التغيير أن يحدث، لذا.. أصبحت المقالات لا تمسه والبرامج لا تحضره والإنترنت لا يستهويه، و(تويتر) لا يشفي ألمه.

نريد للشباب أن يبني وطناً لمجتمع جله شباب ... أصبحنا لا نستنكر الرشوة، بل نتسابق عليها، أصبحنا لا نستهجن الفساد، بل بدأنا نمارسه، أصبحنا مثل حجر الشطرنج الذي لم يتحرك من مكانه منذُ فترة طويلة.

بواسطة : admincp
 1  0  1.6K


الترتيب بـ

الأحدث

الأقدم

الملائم

  • ابراهيم بن محمد ابوعباة

    اخي ماهر شكر لك .

    للاسف جل تنميتنا السابقة انصبت على البنى التحتية الا الانسان كان مهملا فيها .دع عنك التصاريح نحن نقصد الواقع الذي بتنا نخجل منه الان .
    الامم تبنى برجالها الذين اهملوا وحتى الان مهملين(تنمية) في وطننا للاسف ، انظر للتعليم المتهالك وزارة التربية والتعليم اهملت نصفها وركزت على التعليم (الذي ليته نجح) ونست او تناست نصفها الثاني التربية فنتج لنا جيل المخدرات والرشوة والدرباوية...الخ .
    افرزت هذه الاجيال الخدج (الا ما رحم ربي) ما تراه الان ،امواج الخير العالية تتكسر بفعل قلة الامانه من رشوة او كسل او عدم الشعور بالمسؤلية تجاه المجتمع حيث تعالت الانانية وتناقصت المثالية .
    ومع ذلك نحن امة خير ويبقى فينا الخير ان شاء الله الى يوم القيامة . وبواسطة المخلصين امثالكم وهم كثر ولله الحمد ستنهض الامة.
    حفظك المولى

    24-02-2014 10:16 صباحًا

    • ماهر البواردي

      اسعد الله اوقاتك اخي الفاضل ابومحمد

      بإعتقادي لو ركزنا على جودة التعليم لقضينا على مشاكل كثيرة في المجتمع.

      وجود العصا في المدرسة اسلوب تربوي حث عليه الدين في مواقع كثيرة. ولكن هل لدينا معلمين او موظفين شغلتهم ان يكونوا معلمين.

      رحم الله الجيل القديم فهو من صنع الرجال.


      الله المستعان

      25-02-2014 11:38 صباحًا

جديد المقالات

بواسطة : سعد بن فهد السنيدي

. (الوجهاء والأعيان) مصطلح شائع تتداوله الألسن...


بواسطة : عبدالله عبدالرحمن الغيهب

. اليوم ١٨ ديسمبر يوافق اليوم العالمي للغة...