• ×

01:18 مساءً , الجمعة 29 مارس 2024

محمد بن عبدالله الحسيني
بواسطة  محمد بن عبدالله الحسيني

المسؤولية الاجتماعية .. ثقافة ومنهج حياة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
في ظل الظروف الراهنة والأوضاع المتغيرة في دول العالم المختلفة لم تعد المسؤولية الاجتماعية مرهونة في تحقيقها بجهة أو شركة أو منظمة، فقد أصبحت واجباً على الجميع، يشارك فيها الكل وفقاً لموقع كل منهم وما يمكنه فعله، لتحقيق الغاية والهدف من تلك المسؤولية نفسها، والذي يتمحور حول خدمة المجتمع ككل بما يشبه شعار الفرسان في العصور القديمة : الكل للواحد ..والواحد للكل.
في السابق كانت بعض الشركات والمؤسسات تتساءل عن جدوى استشعارها لتلك المسؤولية وتنفيذ البرامج والأنشطة المختلفة التي تصب في مصلحة محيطها وليس في مجال عملها الخاص، وكان البعض يعتبر ذلك غير مجد على الصعيد المادي والربحي نظراً للفكر القديم الذي يحصر نجاح منظمات الأعمال في مدى ما تحققه من أرباح ، ومع مرور السنوات وتطور العمل والفكر الاقتصادي باتت تلك الجهات أكثر إيماناً من غيرها بأهمية هذا العمل نظراً لما يترتب عليه من تأثيرات إيجابية تشملها قبل أي جهة أخرى، كون ما تفعله ينعكس إيجاباً على خطط التنمية المستدامة للبلاد إلى جانب تأصيل قيم المسؤولية الاجتماعية بين الأفراد والمنظمات المختلفة.
ولتقريب المسألة أكثر يمكن الإشارة إلى أن الموظفين أنفسهم الذين يعملون في تلك الشركات والمؤسسات هم في الحقيقة جزء من هذا المجتمع فهم كأفراد لهم أزواج وأسر وأقارب تشكل جزءً من النسيج المجتمعي، الذي يستفيد من الخدمات التي تقدمها تلك الجهات، ما يشبه الدائرة التي تشمل بإطارها الجميع.
لا يمكن حصر الفوائد التي تنجم عن برامج وأنشطة المسؤولية الاجتماعية، فما تفعله الشركات والمؤسسات والجهات المختلفة من خلال ما تقوم به من مشاريع ورعايات وإسهامات خيرية، يتناغم مع الأهداف الاستراتيجية للمسؤولية الاجتماعية، التي تركز في معظمها على دعم التعليم، وتطوير الرعاية الصحية، وتنمية المجتمع، وحماية البيئة، وغيرها من الأهداف الأخرى التي تخدم التنمية وتحافظ على استدامتها.
كما تساهم برامج المسؤولية الاجتماعية في دعم جهود التدريب داخل مواقع العمل وجهات التطوع المختلفة، إضافة إلى مساهمتها في خفض معدلات البطالة والفقر, ورفع معدلات التنمية البشرية, ومساندة برامج الرعاية الأسرية والأنشطة الخاصة بالمرأة والطفل واليتيم, وكذلك تنمية المهارات والقدرات, وتشجيع الابتكار، وجعل المواطن قادراً على تولي أمر نفسه، وكذلك القدرة على تحقيق مستوى معيشي يليق به وبأسرته .
كذلك تساهم برامج المسؤولية الاجتماعية في تشجيع الشباب على إنشاء مشاريع خاصة بهم ، ما يساهم جيداً في حل المشكلات التي يعاني منها الشباب الباحث عن العمل في القطاع الخاص من ناحية الاستقرار الوظيفي واستمراريته من حيث الترقية والحوافز، ولا شك أن معالجة هذه المشكلات يعمل على اجتذاب المزيد من الكوادر الوطنية للعمل في شركات ومؤسسات القطاع الخاص.
لكن الأهم من كل ذلك أن تكون تلك البرامج والرعايات وأنشطة الدعم ذات استمرارية ممتدة وغير مرتبطة بوقت معين أو مواسم محددة، وأن تتحول المسؤولية الاجتماعية إلى ثقافة كي تمثل استكمالاً لإرث غني من قيم التكافل والتراحم والتواد التي يتميز بها المجتمع السعودي المسلم انطلاقاً من انتمائه الديني وسلوكه الأخلاقي.

 0  0  3.4K


جديد المقالات

بواسطة : سعد بن فهد السنيدي

. (الوجهاء والأعيان) مصطلح شائع تتداوله الألسن...


بواسطة : عبدالله عبدالرحمن الغيهب

. اليوم ١٨ ديسمبر يوافق اليوم العالمي للغة...