شقراء: الكاتب عبدالله المجيول (ابومعاذ) .
من عيون الشعر العربي قصيدة أبي فراس الحمداني الرائية والتي من أبرز أبياتها
سَيَذكُرُني قَومي إِذا جَدَّ جِدُّهُم وَفي اللَيلَةِ الظَلماءِ يُفتَقَدُ البَدرُ
وكأنها تحاكي واقعنا مع أبي سعد والذي يحمل أحد أبنائه اسم بدر
الحقيقة أنني لا أحبذ الكتابة عن رجال الأعمال أو الوجهاء لما سيتبعها من تفسيرات أو تأويلات أنّزه الجميع منها أو لا أرغب أن أكون سببا في حدوثها ولكن بعض رجال الأعمال يفرض وجوده على الجميع ويجمع الكل باستحقاقه للثناء وتخليد الذكرى وبين هاتين النظرتين يقف الإنسان حائرا ولكن بما أنني بلغت الأشد ومن ثم سن الإعذار رأيت ألا عذر لي في الإحجام عن شخص في منزلة وحجم أبي سعد تحسسا من الولوغ في النيات فهو قد أفضى لأجله المحتوم فهو بحاجتنا دعاءً وصدقةً وذكر حسن أشد من حاجتنا إليه حيث أفضى إلى ربه وهو يحمل هذه المحبة
فلأجل ما ذكرت استعنت بالله فأقول عن هذا الجهبذ النادر
أنني في البداية لم أكن أعرفه ولم أسمع عنه لأنه انتقل من شقراء قبل ولادتي ولا تربطني به قرابة أو أي علاقة ولعل بداية معرفتي به عندما قام بإنشاء قسم الولادة في مستشفى شقراء القديم فأكبرت هذا العمل لأنه من العمل الخيري الغير مألوف حيث كانت الأعمال الخيرية تكاد تنصب على المساجد والجمعيات فقط فكان هذا العمل نقلة نوعية جميلة انطلق معها اعجابي بهذا الرجل وإن لم أكن أعرفه أو ألتقيه البتّة وبعدها بفترة علمت بأن نظرته الغير مسبوقة امتدت عند إنشاء سوق الأندلس التجاري الذي أقامه الأهالي حيث كانت نظرته أن يكيّف وأن يجعل من دورين بدرج ومصاعد كهربائية وأن يكون فيه مطاعم وأماكن للترفيه فازداد اعجابي به ولم ألتق به بعد ولا أعرف حتى شكله أما أول لقاء لي به فكان أواخر العشرينات حيث كنت مشاركا في اجتماع مجلس الأهالي لمناقشة بعض ما يخص البلد ومنها البلدة التاريخية حيث كانت نظرة كبار السن رحم الله من مات منهم وأطال عمر الأحياء على طاعته أن تمسح ويستفاد منها كحدائق أو منتزهات وأن يسعى لنزع ملكيتها من أصحابها أما نظرة الشباب فكانت خلاف ذلك وكان النقاش محتدما فهمس لي من بجواري وهو من جيل المخضرمين وإن كان للشباب أقرب فهمس لي بعبارة ما زلت احفظها : ( إن ما يربطنا بشقراء هذه البلدة التاريخية فإن طمست طمس معها الولاء والذكرى والتاريخ ) فرحت بهذه النظرة وحفظت هذه العبارة لأنها تتفق مع رؤيتي وعندما حان وقت التصويت صُدم الكبار بنظرة الشباب واكتسح رأي الإبقاء عليها بل وترميمها على رأي الهدم والإزالة ولما انتهى الاجتماع سألت عن الشخص الذي بجانبي فقيل لي إنه المهندس أبي سعد فلم أستغرب هذا الموقف لمواقفه السابقة بل إنه لم ينّظر لموقفه فقط بل كان عمليا أكثر حيث دفع حوالي مليون ونصف لترميم حي الحسيني بما فيه من مكونات مهمة ( كالمسجد وملحقاته ، ومدرسة السليمي ، وباب العقدة ، والسور الغربي بما فيه من مقاصير ، ومدرسة دريسة ، وحويط الجماعة ، وحايط لولوة ، ومجيلس البواريد ، وبيت الأمير عبيد البواردي وابنه حشر ، ومدرسة ادريس ، وحوش الخيل وغيرها من أسواق وآبار بل إنه اشترى أحد البيوت في نفس الحي للاستفادة منه في تغذية المشروع بالماء والكهرباء وعندها توطدت العلاقة معه فرأيت منه وزملائي في لجنة التراث مباركة العمل وتحفيز الهمم فأصبح التواصل بيننا وبينه بالاتصال بين الفينة والأخرى بل قمنا بزيارته في منتجعه العامر أما آخر ابداعاته فهو المسرح المفتوح حيث حظر احتفال اليوم الوطني في نادي الوشم منذ سنوات فكانت المنصة لا تكاد تتسع لخمسين ضيف لذا قرر إقامة المسرح المفتوح فلم يكن الابداع في الفكرة فقط بل في اختيار الموقع حيث كان موقع المسرح المفتوح المفترض أن يكون ضمن مكونات منتزه الملك سلمان فوق الظهرة الجنوبية فأصر رحمه الله أن يكون في موقعه الحالي ولقد وفق في الاختيار فكان علامة بارزة في مدخل شقراء الجنوبي بل والشمالي والغربي حيث تلتقي تلك المداخل عنده كما أنه كان متابعا شخصيا لمراحل تنفيذه مع أبنائه فهو شغله الشاغل وهاجسه الدائم وقبلة زياراته الميدانية والتفقدية وكان ينوي أن يستفاد منه ليوم التأسيس وعيد الفطر القادم ولكن إرادة الله سبقته رحمه الله
أما وقفاته الشخصية معي فلقد كنت ضمن مجموعة قمنا بزيارته فتنقلنا في منتجعه بإحدى سيارات القولف فبعدما تركت رئاسة لجنة التراث رأيت أن اشتري سيارة مثلها تكون لي خاصة فاحترت أيهما أنسب البنزين أم الكهرباء فأرسلت له رسالة صوتية حتى لا أشغله ولا أحرج منه لعله يفيدني بحكم تجربته أيهما أنسب فقال لي لا هذي ولا تلك ولكن في الطريق شيء أنسب منهما سأخبرك بها لاحقا وبعد مدة تفاجأت بسيارة دهاتسوا تم تعديلها بشكل تراثي هدية منه رحمه الله فاللهم ارحمه رحمة واسعة واجعل ما أصابه تكفيرا له وتمحيصا لذنوبه واجعل ذريته خير خلف لخير سلف
30-10-2024
07-10-2024
06-10-2024
02-10-2024
الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم